الإثنين, 23 تشرين1/أكتوير 2023 10:30

الفلسطينيون والقبارصة الأتراك

قيم الموضوع
(1 تصويت)

تجلّى انفجار تمرد الفلسطينيين على الظروف التي عاشوا فيها لأكثر من نصف قرن من الزمن، وانحصارهم في قطاع غزة، في الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

وسواء كان الهجوم مفاجئًا، أو منظمًا، أو استفزازيًا، أو مخططًا له بإتقان من قبل الدولة الإسرائيلية فهذا أمر قابل للنقاش. ولكن كان من الواضح أن هذا الهجوم سينتهي بمشقة ومعاناة للفلسطينيين.

إن الهجوم على كيان له صفة عضو في الأمم المتحدة ولديه جيش نظامي وقدرة على إنتاج واستيراد جميع أنواع الأسلحة والذخائر بشكل قانوني كان سيُدان في كل مكان في العالم تقريباً، رغم كل معاناة الفلسطينيين، وكان سيضفي الشرعية على أفعال إسرائيل.

الشيء المثير للاهتمام هو أنه في الوقت الذي تقف فيه الولايات المتحدة الأمريكية، وهي زعيمة الحلف الأطلسي التوسعي (الإمبريالي)، إلى جانب إسرائيل بعد هذا الهجوم الذي قامت به حماس التي تصنفها كمنظمة إرهابية، وتعرب عن أنها ستقدم كل أنواع الدعم وترسل أسطولها المتمركز في البحر المتوسط لدعم إسرائيل، بينما تركيا التي تعيش نفس الظروف بالضبط، تتعرض لهجوم غير قانوني من قبل منظمات إرهابية تحت مسميات حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي وما شابهها من مسميات، وبدلاً من الوقوف إلى جانب تركيا وتقديم الدعم، تقف إلى جانب المنظمات الإرهابية وتدين تركيا.

لقد رأينا مرة أخرى كيف أن التحالف الأطلسي (الإمبريالي) التوسعي، الذي يدعي أنه يحكم الأمم المتحدة بشكل مباشر والعالم بشكل غير مباشر، يتصرف بشكل منافق بما يتماشى مع مصالحه الخاصة، بدلا من أن يكون صادقا ونزيها. إن نهجهم في التعامل مع إسرائيل وتركيا هو أفضل مثال على كيفية تنحية القانون والقواعد الدولية جانبًا عندما لا تناسبهم وتتصرف بما يتماشى مع مصالحهم الخاصة.

في هذه المرحلة يتضح لنا مدى دقة مقولة رئيس الجمهورية التركية، رجب طيب أردوغان: "العالم أكبر من خمسة" في كل بيئة دولية وعلى منبر الأمم المتحدة.

لقد أعاد هجوم دولة إسرائيل اللاإنساني والإبادة الجماعية التي ارتكبتها ضد الفلسطينيين إلى ذهني أيام الإبادة الجماعية التي تعرض لها القبارصة الأتراك بين عامي 1963-1974

ولحسن الحظ أن وطننا الأم تركيا قامت بـ "عملية السلام السعيد" صباح يوم السبت 20 تموز/يوليه 1974، وحالت دون تدميرنا نحن القبارصة الأتراك على يد الكاهن القاتل المدعو مكاريوس الذي طردنا من جمهورية قبرص، التي كنا شركاء فيها، تحت تهديد السلاح. لأن مكاريوس، الذي أتيحت له الفرصة لاستيراد جميع أنواع الأسلحة والذخائر بشكل قانوني، أنشأ أولاً جيشاً في انتهاك لدستور جمهورية قبرص من أجل تدمير الأتراك في الجزيرة، ثم استورد جميع أنواع الأسلحة، وكأن هذا لم يكن كافياً، ففي صباح الأول من كانون الثاني/يناير 1964، وضع خطة الإبادة الجماعية المسماة أكريتاس موضع التنفيذ خطوة بخطوة من خلال الموافقة على وصول 20 ألف من فرقة الكوماندوز اليونانية المسلحة من اليونان إلى الجزيرة.

كنا اليوم نعيش في جزء ضئيل من الجزيرة، يشبه غزة في معاناته، بلا عمل ولا موارد، محرومون من الكهرباء والمياه والبنية التحتية. كنا مستهدفين ومقسمين، مستقبلنا غامض ومليء باليأس. لحسن الحظ، كانت لدينا بعض الأسلحة، وإن كانت محدودة، للدفاع عن أنفسنا ضد الهجمات الرومية الغاشمة.

وبفضل وطننا الأم، نجونا بأعجوبة من الإبادة الجماعية الوحشية واللاإنسانية التي ارتكبتها حكومة مكاريوس المدعومة من الحلف الأطلسي التوسعي والكنيسة المسيحية في أوروبا. والآن، صلواتنا من أجل الشعب الفلسطيني. نأمل أن تكون الأيام التي سيتمكنون فيها من العيش بسلام تحت علمهم الخاص، مثلنا، قريباً.

 

الأستاذ الدكتور (المهندس المدني)، والأستاذ المساعد الدكتور في العلاقات الدولية عطا أتون

عميد جامعة قبرص للعلوم

المستشار السياسي لرئيس جمهورية شمال قبرص التركية

قراءة 157 مرات آخر تعديل على الإثنين, 30 حزيران/يونيو 2025 14:09
الدخول للتعليق